كتب الصحفي باسل رفايعة
ثمّةَ كعكةٌ مخبوزةٌ، جاهزةٌ للتقطيع والمحاصصة والاحتكار، وراء معظم المشروعات والشركات والهيئات الحكومية. ولا يتطلبُ الأمرُ كثيراً من الجهد والذكاء، لنكتشفَ ذلك، ربما لأنّ أحداً لا يبالي بنا، ولا يخشى من أية عاقبة. أو ربما لأنّ هذه البلاد منذورةٌ لكلّ هذا الأسى، فلا تصحُّ فيها سوى الأخطاء، وكلُّ صوابٍ مكروه، وكلُّ كلامٍ ممنوع..!
اسمعوا هذه السالفة. رئيس تنفيذي لشركة حكومية كبرى في العقبة، يزيدُ رأسمالها عن 21 مليار دينار، وتعمل في قطاعات تطوير الأراضي والعقارات والأعمال وإدارة المشاريع، وكل شيئ تقريباً. الرئيس نفسه يملك وعائلته شركة عقارية خاصة منذ 2006، واسمها "س"، وقبل شهر واحد من تعيينه رئيساً تنفيذياً، غيّر اسمها في "مراقبة الشركات" إلى "ص"، وظلّ يملكها طبعا. لاحظوا الرجل تعيَّنَ في منصبه في تموز 2021، وتغيير اسم شركته كان في حزيران 2021، وذلك عينكْ عينكْ، ولم يرف له جفنٌ في أي مخالفة، أو انتهاك قانون، أو "تضارب مصالح"، كما لو أنَّ الفساد مؤسسة قائمة بذاتها، ترعاها القوانين، بحرصٍ شديد، علماً أنَّ لدينا هيئة مستقلة جداً جداً جداً، تُدعى "هيئة النزاهة ومكافحة الفساد"، ولدينا أيضاً بلاغة رسمية فذة، تُسمي كل ذلك "دولة قانون ومؤسسات".
إي والله. الرجلُ يجلسُ على 21 مليار دينار أردني تملكها سلطة منطقة العقبة، وشركة إدارة الاستثمارات الحكومية مناصفةً، والمطلوبُ منه لمنصبه الحكومي هو ذاتهُ المطلوبُ منه لشركته العقارية الخاصة. الأهداف والغايات واحدة..!
أقول "شركة حكومية" في العقبة مسؤولة عن كلّ شيئ، حتى "الطير الطاير"، وأُضيفُ أنّ رئيسها (دون ذكر اسمه)، وكذلك شركته (س)، وشركته (ص)، ويعرفُ أي مواطن أو مسؤول في العقبة مَن المقصود، ولديَّ كلّ الوثائق والأدلة، ولديكم القانون (قال قانون قال)، ومع ذلك لا أستطيعُ نشرَ الأسماء صراحةً، ولا الخوض في التفاصيل التي تكمنُ فيها كلُّ الشياطين، فأنا مثل غيري، يحسبُ حسابَ الحراسة القانونية المشددة على آلهة الفساد، لكنّهُ يريدُ بلاده، وكلَّ العنب، دونَ أدنى هوشة، وعلى الناطور أنْ يقطفَ لقاءَ وظيفتهِ، فقط..!
Comentarios